المقدمة

1 .في كثير من البلدان، تتزايد وتيرة اللامركزية في منظومة المسؤوليات المناطة لتوفيروتمويل الخدمات العامة. وفي الاقتصادات الناشئة والنامية، غالباً ما يعاني الدور الموسع للحكومة المحلية فيتقديم الخدماتمن عدم توفر مواردمالية كافية، بالاضافة الى ضعف القدرات المؤسسيةلا سيما من حيثعدم الكفايةالماليةوالممارسات والإدارةوالمعرفة. وفي هذا الاطار،تستعرض هذه المذكرةمجموعة واسعة منالمؤشرات المرتبطة بوجود نظام مالي سليم للحكومة المحلية، بما في ذلك قدرةالحكومية المحلية وإمكانياتها للوصول إلىأسواق رأس المال في القطاع الخاصعلى نحويتوافق مع تحقيقاستقرار الاقتصاد الكلي وأهداف السياسة العامة.

2.لهذا الغرض،تحدد هذه المذكرة أساسيات تحقيق المرونة في مالية الحكومات المحلية، والعناصر الرئيسية التي تستند اليها الجدارة الائتمانية، والتي بدورها تساعد على تقييمها من قبل الجهات المعنية في السوق. إن القضايا الرئيسيةفي هذا الصددترتبط بما يلي:تعزيز الإطارالتنظيميوالقدرة المؤسسية المحلية من اجل تعزيز كفاءة تقديم الخدمات، وتحسينالعلاقات المالية في ما بين الحكومات المحلية، ونظمالميزانية والمراقبة، وتعزيز الإدارة الماليةالمحلية والقدرة على تعبئة الموارد الخاصةللبنية التحتية في المناطق.كما تتناول المذكرةالربط بين كيفية تمويل الحكومة المحلية وقضايا أوسع في سوق رأس المال، فضلا عندور الوسطاءالمتخصصةفيتمويل البنية التحتيةالمحلية.

المناخ القانوني والتشريعي والمؤسساتي لتقديم الخدمات على المستوى المحلي:

3.يمكن تحقيقالاستفادة القصوى مناللامركزية فقط مع وجود إطارقانوني وتنظيمي فعال يعزز العلاقات الجدية والواضحة بينالمستويين المركزيوالمحلي للحكومة،من حيثالمسؤولية عنتقديم الخدمات.وعلاوة على ذلك، ترتبط فعاليةتقديم الخدمات على المستوى المحلي بقوة البيئة المؤسسيةالتي يتمفي إطارها تحديدمسؤولياتالاستثمار، والتخطيط للاستثمار في البنية التحتية والمرافق العامة المشغَّلة، والتعرفات الموضوعة. وتعتمد فعالية النظام المالي للحكومة المحلية على وجود قدرات مؤسسية محلسة سليمة، وهذا بدوره يتطلب تعزيز الاطار المحلي لتقيم الخدمات، وتخفيف القيود التي تحد من توفير الموارد، وذلك من خلالتوليد الإيراداتمنالخدمات.وهذا، في جملة أمور،يستندإلى:

(أ) ترشيدالإنفاق الحكومي بالاعتماد على تحديد المسؤوليات في الاستثمار والتشغيل في كل مجال من مجالات الخدمات التي تقدمها الحكومة.

  • إعطاء القطاع الخاص دوراً فعالاً ومشاركةتنافسية فيتوفيرالبنية التحتية المحلية.
  • تعزيز الاطار التنظيمي لتقديم الخدمات محلياً، من حيث قضايا الاستقلالية والمساءلة والتخطيط وتشغيل قدرات المرافق العامة المحلية.
  • وضع معاييرواضحة للأداءوآليات تنظيمية أخرى للخدماتالتي تحتكر الدولة تقديمها.
  • تحسيناستخدام كفاءةإدارة الأصولالبلدية وتشغيلها.
  • بناء قدراتموظفي الحكومةالمحلية.
  • وضع سياساتأسعار منطقية للخدماتالمحلية، بما يوضحالتفريق بينالخدمات التي تولد توليدالإيرادات والسلع العامة، وتحسينكفاءةتحصيل رسومالاستخدام.

اللامركزية المالية والمالية العامة:

4.يتطلب وضع إستراتيجية سليمة، لتحقيقلامركزية فعالة، تحسين قدرة الحكومات المحلية على استدامة توفير مصادر الدخل. ويعتمد تعزيز هذه القدرة على تمتين كفاءة المالية العامة والاطار المالي، الذي بدوره يتطلب ما يلي:

  • ترشيدقواعد ومعدلاتالضريبيةالمحلية وتحسين الإدارة الضريبيةومستوياتالتحصيل.
  • ترشيدالعلاقاتبين الحكومتينالماليةوتبسيطالسياساتوالترتيباتتقاسم الإيراداتبينمستوياتالحكمومة المختلفة.
  • وضع قواعديمكن التنبؤ بها حول التحويلات المالية والمنح المقدمة من الحكومة المركزية.
  • إزالة الأسباب التي تعيق انسياب التحويلات المالية.

الميزانية وأنظمة التحكم

5.يحتاجوضعاستراتيجية سليمةلبناء القدراتالمحلية، تهدف الى تعزيز الهيكلية التمويلية للحكومة المحلية، الى وجود نظم فعالة وموثوقة للموازنة والمراقبة للحكوماتالمحليةوالهيئاتالتابعة لها.ويتطلب تنفيذ مثل هذه الاستراتيجية القيام بتدابير مثل:

(أ) تعزيز وتحديثعملياتالميزانيةالجارية والرأسمالية للحكومة المحلية.

(ب) وضع النظم المحاسبيةذات مصداقيةوالقيام بعمليات تدقيقمستقلة.

(ج) تحسين إدارة النقدوالدفع وأنظمةالرقابة المالية في الحكومة المحلية.

(د) وضع مؤشرات حول مالية الحكومة المحلية- مثلنسبخدمة الدين إلىالإيراداتوالإيراداتالحاليةللنفقاتالجارية، والضرائب المحلية الى الإيرادات المحلية، والضرائب المحلية الى إجمالي الإيرادات، وما إلى ذلك – بما يسمح بإجراء المقارنة المعيارية في ما بين كيانات الحكومة المحلية وكذلك تصنيفها حسب المراتب.

(ه) وضع معاييرالإفصاح الماليبما يوفر للمستثمرينوالدائنينالمعلومات ذات الصلة حول الجهات الحكوميةالمحلية، وتوفير أساس يمكن الاعتماد عليه في وضع التصنيف الائتماني.

التخطيط المالي والاداري للحكومة المحلية:

6.إن وضع استراتيجية متينة لتطبيق سياسات فعالة لللامركزية، يجب أن يؤدي الى تعزيز قدرات الادارة المالية في الحكومة المحلية – بوصفه الهدفالأساسي متوسطالمدى – من أجل تحسينالجدارة الائتمانيةللحكومية المحلية. وهذا بدوره يتطلب تنفيذ عدة إجراءات، من بينها، ما يلي:

(أ) تحسين التخطيطالمالي للحكومات المحلية(بما في ذلك وضع نظام متين لإعداد الميزانية الرأسمالية).

(ب) تحسين إدارة الأصول والمطلوبات في الحكومةالمحلية.

(ج) تحسين إدارة السيولةفي الحكومية المحلية.

(د) تحسينإدارة المخاطر الماليةفي الحكومة المحلية.

تمويل البنية التحتيةوالنفاذ إلى أسواقرأس المال الخاص

7.على استراتيجيةاللامركزية، المناط بها توفير الخدماتبفعالية وبناء القدرات للحكومة المحلية، أن تقوم بإعادة تقييم معاييرالاختيار والتمويللبرامجومشاريعالحكومة المحلية. وفي هذا الصدد، ينبغي النظر بعناية فيخطط التمويلالبديلة،ومنها الخصخصةحيثأمكن، وحق امتيازالخدمات،التي بدورها تعززإمكاناتالحكومةالمحليةلتعبئةالموارد الخاصةفيها، بما في ذلكاللجوء الى الائتمان المحلي شرط ألا يخلق مزيداً من الالتزامات على المستوياتالحكومية الأعلى. وعلى وجه الخصوص، يتطلب ذلك ما يلي:

(أ) تعزيز عملية المراجعة لبرامج الاستثمار العام المحلية وفق معايير الاختيارالسليمللمشاريع الاستثمارية.

(ب) وضع معايير ومواصفات لنسب المخاطر الى العوائد يمكن على أساسهاتقييممقترحات تمويلالبنية التحتية

(ج) وضع خططتمويل لا تؤثر على الموازنة العامة، ومن ضمنها اعتماد الشراكة وخيارات تمويل المشاريع التييمكن أن تقلل من الحاجة الى مواردالمالية العامة.

(د) تقييم الإمكانات والشروط الملائمة لتمويلالديونالمدعومة بصلاحيات الحكومةالمحليةلفرض الضرائب(سندات الالتزام العام).

(ه) تقييم الإمكانيات والشروط الملائمة لتعبئة التمويلالدين المضمونمن رسوم الاستخدام ومصادر أخرى مخصصة للدخل (سنداتالإيرادات).

(و) تقييم الإمكانيات والشروط الملائمة لتوفير التمويلعلى أساس منظومةتمويل الشركات(بيان الأصول والمطلوبات).

(ز) تقييم الإمكانات والشروطلاستخدامالأدوات قصيرةالأجلفي عمل البلدية(مذكراتالبلدية، الأوراق التجاريةوالصكوكالخاصة الأخرى) لإدارة التدفقات النقديةوتحقيق التوازن بين النفقاتوالإيرادات.

(ح) تقييمإمكانياتوشروط انشاء “مناطق لأغراض خاصة” لتوفير خدمات مثلالمياهوالصرف الصحي لمناطق سكنية أو تجاريةقيد النمو.

(ط) تقييمالإمكانات والشروط لإقامة”مناطق خاضعة للضرائب” (tax increment districts) لتمويلتطويرالمناطقالمهدمة وذلك من خلال عائدات الضرائبالإضافيةالمتأتية منالنمو على القيمة العقارية.

(ي) تقييم الإمكانيات والشروطلإستخدام هيكلياتمالية /قانونيةلتعزيزالائتمان(على سبيل المثال، التوريق، والضمانات، التأمين على السندات، وخطابات الائتمانللمصارف، والديون القابلة للتحويل، والمنتجات المالية المشتقة) التيتساعد على تنويعوتحويل مخاطر الرصيد والسوق، وتزيد من امكانية قبول السوق لقروض الحكومة المحلية.

روابط تتعلق بقضايا تنمية أسواق رأس المال

8.تعتبر أسواق الائتمان على مستوى الحكومة المحلية فرعاًهي مجموعةفرعية منأسواق رأس المال الوطنية.ولذلك، فإنتطويرأسواق الائتمانالمحليةالسليمةعلى مستوى الحكومة المحلية يتطلب وجود أنظمة فعالة لعمل القطاع المالي، والتي بدورها تتطلب من الحكومات المحليةالعمل وفقها، بالاضافة الى وجود بنية متينة وآليات عمل تتكيف مع إحتياجات الحكومة المحلية. ومع التأكيد على هذاالاعتماد المتبادل، ينبغي وضع استراتيجية بناء القدرات لتعظيم الاستفادة امكانية تجميع التمويل طويل الأجل للاستثماراتالمحلية، على أن تقوم بتقييم التحسينات والتعديلات اللازمة فيالبنية الأساسية للأسواقالماليةلتلبية احتياجاتالتمويل المحلي. ومن المهم أن تحافظ الروابطلقضاياتنمية أسواق رأس المالعلى ما هووثيق بالنسبةللأسواقالمالية والصكوك للحكومات المحلية، وعلى وجه الخصوص ما يلي:

(أ) وضع لوائح واضحةعلىسلطة الحكومات المحلية الاقتراضوالحصول على الائتمان، بما في ذلك الأنظمة المتعلقة بضماناتالبلدية (collateral)،وإفلاسالبلدية، وهيكل الائتمان للبلديات المثقلة بالديون. وهذا يتطلب، في جملة أمور،معالجةالمسائل القانونيةوالمخاطر المرتبطة تعهدالتحويلاتالحكومية، والأصول البلدية، والايرادات غير الضريبية المتكررة.

(ب) تحديد معايير لتسعير التزامات الديون للجهات الحكوميةالمحلية.

(ج) وضع،من وجهة نظرمصدريالديون،التدابير الرامية إلىسد الفجوة بينالطلب والعرضمن الأوراق المالية الحكوميةالمحلية،من أجل زيادةتدفقأموال المؤسساتطويلةالأجلإلى الاستثماراتفيالبنية التحتية المحلية.

(د) تحديد، من وجهة نظرمصدريالديون، المتطلبات المهمة المتعلقة بتطويرالاكتتاب والتوزيع وبناء قدراتالسوق الثانوية لسندات دينالحكومة المحلية.

(ه) بناء قدرةالحكومة المحلية للامتثال للوائحالسائدةعلى إصداروالتسجيل والتسوية، وسدادسندات الدينالمحليةالحكومية.

(و) وضع منهجية لبناء شراكات مالية أوثق بينالحكومات المحليةومقدميالخدمات ورؤوس الأموال – من المصارف التجارية، شركات الأوراق المالية، المؤسسات الاستثمارية، صناديق البنية التحتيةووكالات التصنيف، شركات التأمين على السنداتالبلدية، ومشغلي المرافق – التي لديهامصالحمؤسسية ومالية مكملة. والغاية من ذلك هي توسيعتدفقاتالتمويلالخاص المحلي والأجنبيفيالاستثمارات في البنية التحتيةالمحلية.

دور الوسطاء الماليين العاملين وفق آليات السوق في الاستثماراتالمحلية:

9.يضع الوسطاء الماليين العاملين وفق آليات السوق ترتيبات لتجميع التمويل والقائمة على السوقإشراكالوسطاء الماليينترتيبات التمويلالاستثمارات فيالبنية التحتية المحلية. ومن الممكن إنشاء آليات تقوم بدور الوساطة المالية، وتكون ذات رسملة عالية ومتينة، بما يمكنها من إقراض الحكومة المحلية لتمويل مشاريع حيوية ومدرّة للدخل. ويتم تعزيز رأس مال هذه الوساطة من الأسهم، من خلال إصدار السنداتفيأسواق الائتمانالخاصمن دونضمانات حكومية. ويمكن لاستراتيجية سليمةلتمويلالاستثمارات في البنية التحتيةالمحلية، تعتمد على تجميع التمويل، أن تساهم بشكل أساسي في تحسين الشروط وتطوير المعايير اللازمة لإنشاء آليات وساطة مالية يتكون تجارياً قابلة للعمل والنمو، ولديها اكتفاءً ذاتياً. ويتبلور هذا، على وجه الخصوص، من النواحي التالية:

(أ) تحديد الشروط القانونيةوالتنظيمية والمؤسسية اللازمة لإنشاءوسطاء ماليين يعملون وفق آلياتالسوقالمالية لتمويلالبنية التحتية المحلية.

(ب) تقييم عناصرالدعم العام(مثلالمنح الرأسماليةالمركزية) اللازمة في البدايةلمساعدةهؤلاء الوسطاءلحشد الموارد،من خلالإصدارأسهمالديون فيأسواق الائتمانالخاصة.

(ج) وضع تسلسلوالخطوات التي يمكنأن تضع الوسطاء الماليين، الذين يعملون وفق آليات السوق، على مسار الاستدامة المالية لديهم.

(د) تحديدالمعالم الرئيسية للوسطاء،من حيث الأهدافالاستراتيجية والهيكل المؤسسي والاداري والتي هي قضاياحاسمة للحفاظ على السلامة المالية لهم.

(ه) تحديدالسمات التشغيليةالرئيسية،من حيثمجموعة المنتجات(القروض والضمانات، المشاركة في رأس المال) التي يقدمهاالوسيط.

(و) تحديدالمعالم التشغيلية الرئيسيةالمتعلقةبمعاييرتمويل المشاريع وإدارة المحافظ الاستثمارية بما في ذلك التنويعبينالقطاعات والمقترضين.

(ز) تحديدالمعالم المالية الرئيسيةالمتعلقةبتمويلالوسيط، والإقراض وسياسات التسعير للمنتج.

(ح) تحديدالمعالم الرئيسيةالمتعلقةبسوق الوسيط، والإئتمان وسياسات ادارة مخاطر العملة.

الخلاصة

10.إن القضايا والمقترحات الواردة فيالمذكرةترتبط بالمحددات الرئيسية للقدرة المالية والجدارة الائتمانيةللحكومات المحلية. ولكن، ضمن هذا النطاقالواسع، هناك حاجةللقيام بتقييم، على أساس كل بلدعلى حدة، الأولوية والجدوى منبعض الإجراءات والنهج، والتييمكن الشروعبهاكجزء مناستراتيجيةاللامركزيةفي مجالالمالية الحكوميةالمحلية. وفي بعض البلدان، على سبيل المثال، قد يكون من المهم تقييمإمكانيةنفاذ الحكومة المحلية المباشر الى أسواق السندات المحلية لتمويلالعمليات المحلية. وفي بلدان أخرى، قد تكون الأولوية في استكشاف دور الوسطاء الماليينكقناةلرفعالموارد الخاصة لتمويل الاستثماراتفيالبنية التحتية المحلية. ومن المحتمل أن تكون الروابط، بينالتمويل الحكوميالمحلي وقضايا أشمل في تنمية رأس المالالسوق، ظاهرة ومتأصلة في معظم الحالات.كما أنه لا بد من مقاربة الإطار القانوني والتنظيمي والمؤسسي لتقديم الخدمات المحلية، وكذلك علاقات المالية وأنظمة الميزانية المراقبة في ما بين الأجهزة الحكومية في جميع الحالات. وأخيرا، فإن أي استراتيجية سليمةتنطوي علىبناءالشراكات الماليةبين الحكومات المحليةومقدميالخدماتورأس المال،وذلكلتوسيعتدفقاتالتمويل الخاصنحو الاستثمارات فيالبنية التحتية المحلية.